دعاء بهاء الدين – سبق – جدة: لا شك أن الحب بين الزوجين يدعم الكيان الأسري ويوثق أواصره، بيد أنه للأسف تعتقد بعض النساء أن تنازلها عن كرامتها وصمتها المهين إزاء تعنيف زوجها لها، يحافظ على كيان الأسرة. واعتبر مستشار أسري تنازل الزوجة حباً قاسياً يوقعها في دوامة الانهيار النفسي، ويؤثر سلبياً على كيان الأسرة، محملاً الأسرة مسؤولية زرع المفاهيم الخاطئة عن تقديس الزوج، وصبر الزوجة على سلبيات زوجها حتى لو بلغت عنان السماء. "سبق" تستعرض قصصاً لزوجات عانين مرارة الحب، حتى شكون منه، وبات لعنه عليهن، وتتساءل: هل يعد تنازل المرأة حباً لزوجها ولأسرتها؟ أم أنه نتاج طبيعي لعادات المجتمع الراسخة التي تغفر أخطاء الزوج، حتى لو بلغت عنان السماء؟ فقدت حريتي في البداية تحدثت لـ "سبق" "أ. ف" قائلة: أعشق زوجي وأبذل قصارى جهدي لإسعاده، بعد فترة من زواجنا لاحظت وجود أرقام غريبة ومتكررة، لم أهتم كثيراً بالأمر، اعتقاداً مني أنها هواتف للعمل، وفي إحدى المرات شاهدت رسائل غرامية على جواله لرقم مجهول، فكرت أن أناقشه في ما رأيته، بيد أني آثرت الصمت حتى لا يخاصمني. وبصوت ممزوج بالبكاء تابعت حديثها: تطور الأمر بعد ذلك وسمعت مكالمة هاتفية له، يبث أشواقه بعبارات عاطفية ، شعرت بالغيرة وكظمت غيظي في نفسي، فباتت دموعي الصامتة رفيقتي في حياتي معه. توقفت فجأة عن الحديث كأنها تتذكر واقعة مؤلمة، ثم بصوت يائس قالت: في إحدى الأيام كنت في زيارة لوالدتي، وقررت مفاجأة زوجي في بيتنا، وألجمتني الصدمة ومادت بي الأرض عندما وجدت امرأة أخرى في غرفة نومي، تناولت حبوباً مهدئة وأصبحت من مرتادي العيادات النفسية، ودخلت في دوامة المرض النفسي، حتى فقدت قدرتي على التكيف مع المجتمع، وكرهت نفسي لأن حبي الطاغي له جعلني أسيرة له، حتى فقدت حريتي كإنسانة وكرامتي كامرأة. ثمن المخدر وأبدت "أم نوف" ندمها لما اقترفته بحق زوجها، قائلة: ابتلى الله زوجي بالإدمان، فترك عمله وأهمل أسرته، وأنفق في سبيل حصوله على المخدر ثروته، مبينة أنه كان يضربها ويعنف أبناءه. وتابعت: كنت أحب زوجي ولم أخبر أحداً بمأساتي معه، وللأسف لم أرشده للعلاج، بل ساعدته على شراء هذه السموم، فكنت أدخر من نفقات البيت حتى أوفر له ثمن المخدر. معربة عن أسفها لعدم رفضها أي مطلب له، وقالت: للأسف الشديد كنت أعطيه المال كي يشتري المخدر حتى لا يغضب مني، لافتة إلى سوء حالته الصحية وأنه دخل المستشفى. كرهت الحب "أذاقني زوجي مرارة العذاب فكرهت الحب واحتقرت نفسي" بهذه الكلمات بدأت "م.أ" حديثها لـ "سبق" قائلة: ألوم نفسي لحبي الجارف لزوجي، فقد عشقته، وصبرت معه على مشكلات الحياة، بيد أنه للأسف لم يحترم عواطفي، فكان يستغل هذا الحب ويحتقرني، ويضربني لأتفه الأسباب. وأبدت ندمها لانسياقها وراء عواطفها وعدم حسم المواقف معه. وتابعت: طردني كثيراً من البيت وكنت أعود له مرة أخرى؛ حتى لا أدمر بيتي، بيد أنه تمادى في سلوكياته الشاذة، وعجزت عن مواجهته واستسلمت لواقعي المرير، ولعنت الحب الذي أوقعني أسيرة له. تضحية غير مرغوبة في البداية وصف المستشار الأسري الدكتور سامي الأنصاري تنازل الزوجة، بأنه حب القاسي الذي تتفانى فيها المرأة في مشاعرها تجاه زوجها، ولو على حساب نفسها، لافتاً إلى نشأته بلا أساس سليم من العواطف المتبادلة التي طغت فيها العاطفة على العقل، ورأى أن نتائجه الإيجابية في المحافظة على كيان الأسرة، بيد أنه يؤثر سلبياً فتصاب المرأة بالألم النفسي الداخلي، كما أنها قد تفتقد أهلها عندما تستجيب لنداء قلبها ولا تستمع لنصائحهم. وأضاف الأنصاري: كذلك قد تضيع فرصة المرأة في تكوين حياة مستقرة مع زوج آخر يبادلها المشاعر، باستمرارها مع زوجها بالرغم من معاناتها النفسية والجسدية منه، محملاً الأسرة مسؤولية غرس المفاهيم الخاطئة في ذهن المرأة، مثل: اصبري على زوجك مهما كانت سلبياته، وحافظي على بيتك كي لا تحملي لقب مطلقة. هاجس الطلاق من جانبها، لفتت المستشارة الأسرية الدكتورة سلمى سيبيه إلى انتشار خيانات الأزواج في الآونة الأخيرة، مشيرة إلى تباين درجات الخيانة بين علاقة صريحة ومكالمة تليفونية ورسائل أو علاقات تبدأ وتنتهي في الشبكة العنكبوتية، وشددت على الزوجة بضرورة تصعيد الموقف في أول خيانة للزوج "لأن الزوجات يفضلن الصمت أو التنازل، ثم تفجير الموقف إذا تكرر". وأرجعت سيبيه تنازل الزوجة عند خيانة زوجها لمنحه الفرصة لمراجعة نفسه، ورفض الأهل الإصلاح، فترضخ الزوجة وتصمت حتى وقت محدد، ثم تعود طالبة للطلاق، موضحة أن بعضهن يرين أن تجاهلهن للأمر يمد في عمر زواجهن واستقراره، والقليلات تستخدمنه كسلاح لابتزاز الزوج عاطفياً ونفسياً، وأكدت أن خوفهن من الطلاق يظل هاجساً يسيطر عليهن. ولفتت إلى أن تنازل الزوجة يؤثر عليها نفسياً، فتصاب بالوسواس وتعبث بأدوات الزوج، محذرة من امتداد الأثر السلبي على بيت الزوجة وأسرتها، فتنشغل بمراقبة زوجها عن رعاية الأبناء، كما يصبح توترها الدائم مصدراً لتعاسة الأبناء، وأسفت لتنازل الزوجة الذي ينتهي غالباً بنتيجة سلبية كالطلاق، أو حدوث مشكلة صحية لأحد الطرفين، أو بسبب إهمال الأبناء فيصبح سلوكهم غير سوى، مؤكدة أن الضرر الأكبر عند زواج الابنة فتتكون لديها ردة فعل عكسية وتصبح عدوانية لأنها رأت في تنازل أمها قمة الضعف برود عاطفي وقال لـ "سبق" استشاري علم النفس الدكتور حاتم الغامدي: تتباين ردود أفعال الزوجات عند علمهن بخيانة أزواجهن، فهناك امرأة ترى أن زوجها غير جدير بالبكاء عليه، فتهجره عاطفياً، لافتاً إلى أنه في ظل ضعف الوازع الديني للمرأة فقد تخون زوجها انتقاماً منه، حتى تبرر لنفسها خيانتها، ويمكن أن تعود مرة أخرى له، وأضاف: هناك امرأة تصاب بالبرود العاطفي فتصاب بكبت ينجم عنه أمراض عصبية ونفسية وقلق واكتئاب نفسي، فتتحول طاقتها العاطفية إلى أمراض عصابية وتوتر زائد. وأبان الغامدي أن المرأة أكثر تنازلاً من الرجل لأنها لا تملك سوى خيار الطلاق، أو الاستمرار مع زوجها خوفاً من انفصالها عن الأبناء. مطالباً في ختام حديثه بإجراء اختبارات نفسية قبل الزواج لتحديد مدى التوافق النفسي بين الزوجين.