* الزواج على كتاب الله وسنَّة رسوله حق مكفول لكل رجل وامرأة لا يحق لأحد – كائنًا مَن كان – أن يمنعه أو يسلبه أو يعيقه * عضل البنات عن الأزواج الأكفاء في الدين والخلق يعني تعميم الفتنة في الأرض بل هو فساد عريض * أرقام وحقائق مذهلة تؤكد تحذير نبي الأمة صلى الله عليه وسلم من عضل البنات وعدم تزويجهن متابعة: سليمان الصالح هنَّ بناتنا وأخواتنا، وصفهن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالضعيفات والأسيرات، فالكثير منهن لا يستطعن الشكوى، أو المطالبة بحقوقهن خاصة إذا كان الطرف الآخر هو الأب أو الزوج، ذلك أن كثيراً من حالات العنوسة سببها ولي الفتاة الذي يرفض زواج وليته لأسباب قد تكون مادية واستفادة من راتب ابنته وقد تكون أسباب العضل اجتماعية وترسخ عادات ليست من الشرع في شيء·· القضية خطيرة والعنوسة شبح يهدد بناتنا في المجتمعات العربية، والسبب الرئيس هو عضل النساء وهي القضية التي تناولها فضيلة الدكتور إبراهيم بن عبد الله الدويش بالحقائق والأرقام· الزواج فطرة وحق كفله الإسلام يؤكد فضيلة الدكتور الدويش أن مما جاءت به شريعة الإسلام مراعاةً لدواعي الفطرة الاقتران بين الرجل والمرأة بعقد متين، وميثاق مؤكد غليظ؛ نظرًا لأهمية وخطورة ما سيترتب عليه، فالزواج على كتاب الله، وسنَّة رسوله – صلى الله عليه وسلم – حقٌّ مكفولٌ ومضمونٌ لكلِّ رجلٍ وامرأة، لا يحق لأحد -كائنًا مَن كان- أن يمنعه أو يسلبه، أو يعيقه، أو يقف حجرة عثرة في تحقيقه، فإن أهم حق للفتاة المسلمة هو حقُّها في الزواج حسب الشريعة الإسلامية، وحقها في الأمومة، وحقها في أن يكون لها بيت مستقل تكون سيدته وربته، ويعد مملكتها الصغيرة، لتمارس وظائفها الطبيعية الملائمة لفطرتها مع زوجها وأولادها، ولذا جاء النص النبوي المعصوم بأمر الأولياء بتزويج بناتهم بمَن يُرضَى دينه وخلقه، ولم يقف عند مجرد الأمر؛ بل ثنَّاه بتهديدٍ شديدِ اللهجة، بأن مخالفة هذا الأمر وعضل البنات عن الأزواج الأكفاء في الدين والخلق يعني تعميم الفتنة في الأرض، بل هو فسادٌ عريضٌ، كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)· إنه نص نبوي معصوم يبيِّن عِظم جريمة العضل، وعظم ما يترتب عليها من فساد يهدد استقرار الأسرة والمجتمع، فالزواج فطرة، والشهوةُ نعمةٌ يؤجَر عليها العبد إذا سارت بطريقها الشرعي الصحيح، وهي -في نفس الوقت- نقمة وخطر إن انحرفت للسفاح والحرام، أو للعضل والحرمان، شئنا أم أبينا· من صور عضل المرأة واستعرض الدكتور الدويش بعضاً من صور العضل التي يتحدث بها الواقع وذكر أن هذه الصور قد يقع فيها البعض دون قصد منه، كمنع الفتاة من الزواج ابتداء؛ لأغراض تخدم الولي، كالاستفادة منها في الخدمة المنزلية، أو الاستفادة من مالها وراتبها الذي تتقاضاه شهريًّا، فيعتبرها وليها كالبقرة الحلوب، إذا انتقلت إلى غيره انقطع عنه الحليب والدَّرّ، وبقي له الفقر والشر· ومن صور العضل عدم مشورتها في الزواج، أو إكراهها على الزواج بمَن لا تحب، طمعًا في عَرَضٍ من أعراض الدنيا، أو منعها من الكفء لمجرد أن الخاطب ليس من قبيلتها، وهذه انتكاسة جاهلية، وعصبية بغيضة منتنة حذَّر الإسلام منها، وأمر الإسلام بهدمها· وبعض الأولياء يعلم تمامًا أن البنت قد يفوتها قطار الزواج، وأنه ستطول عنوستها، وأن نصيبها ليس في أبناء قبيلتها، ثم لا يزال مصراً على الانتظار، والأدهى والأمرّ أن يحبس البنت لأبناء عمها، ولو كان فاسقًا فاجرًا، ليس صاحب خلق ولا دين· وكثيرًا ما يمنعها البعض بحجة إكمال تعليمها، وكأن مستقبل البنت رهين وظيفة، تقول فتاة مكلومة: كلما تقدَّم لنا خاطب أنا وأخواتي الأربع قال أبي: حتى يكملن تعليمهن· وأصبح الناس لا يطرقون باب منزلنا، واقتنعت الأُسر المجاورة لنا بذلك، ومع السنين كبرنا، فمن يرغب في فتيات تجاوزن الثلاثين؟! لقد فات القطار! وقد يكون العضل بسبب تدخل الجد أو الجدة، أو العم أو العمة، أو الخال أو الخالة؛ أو غيرهم، لرد الخاطب بلا سبب مقنع، أو لخلاف بينهم وبينه، كما صرحت بذلك إحدى الفتيات! ومن صور العضل أن يمتنع وليّ اليتيمة عن تزويجها لغيره لرغبته في نكاحها لنفسه أو ولده من أجل مالها أو دون رضاها، فلا شك أنه عاضل ظالم· ومن صور العضل المقيت أن يُضيق الزوج على زوجته إذا كرهَها، وأساء عشرتَها، أو منعها من حقِّها في النفقة والقسْم وحسن العشرة، وقد يصحب ذلك إيذاءٌ جسدي بضربٍ وسبّ، من أجل أن تفتدي نفسَها بمال ومخالعة من مال المهر والصداق، فهو عاضل ظالم، وأسلوب مقيت سيء ليسترجع به ما دفعه من مهر، وربما استردَّ أكثرَ ممَّا دفع، فكلّ ما أُخِذَ من هذه الطريق بغير وجه حقٍّ فهو حرام وسحتٌ وظلم· المرأة والواقع الأليم وتحدث فضيلته عن بعض الحالات التي تعبر عن الواقع وتكشف عن الخطر الذي يهدد المجتمعات العربية جراء العنوسة، مبيناً أن الله جلَّ وعلا سمع شكاية المرأة من فوق سبع سماوات وتمنى فضيلته أن يسمع الآباء وأولياء الفتيات شكوى بناتهم اللائي تعنسن أو تهددهن العنوسة، وأردف معلقا إنَّ مثل هذه المواقف والحالات تدقُّ ناقوسَ الخطر، وتُنذِر بالشَّرِّ المسْتَطِير، وبالفسادِ العريضِ الَّذِي أخبر عنه الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم· لقد رصد أحد الباحثين حال السجينات؛ فلاحظ أن: 86,8% من دوافع الجريمة لدى الإناث في المجتمع هي بسبب الحرمان العاطفي، وثبت له أن البنت غير المتزوجة تندفع إلى الجريمة غير الأخلاقية بسبب كراهية الأسرة ومحاولة الانتقام منها في شرفها بنسبة 32,2%، وتندفع لتلك الجريمة للبحث عن مشاعر الحب والحنان بنسبة 52,2%، ولم يبق للحاجة المادية سوى 5,6% فقط وتثبت هذه الأرقام أن معظم السجينات ارتكبن جرائم عاطفية بسبب المعاملة القاسية في المنزل، والحرمان العاطفي الشديد من الوالدين أو حتى من الزوج، وأن كثيرا من بنات الأسر المحرومات عاطفيا كن يرغبن في تغيير مناخهن الاجتماعي والأسري المضطرب بالزواج، ولكن وجدن معوقات حرمتهن من الزواج فلجأن إلى الجريمة· ثم ظهرت في السنوات الأخيرة قضية هروب الفتيات نتيجة ما يمارس ضدهن في المنزل من عنف أسري جانب منه يتعلق برفض تزويجها إلا بشروط تعجيزية تجعل الفتيان يتراجعون والفتيات يتحسرن، وهذه ليست ظاهرة محلية، بل هي ظاهرة كبيرة وهائلة على مستوى العالم خاصة في الدول العربية· وفي المملكة -على سبيل المثال- تذكر إحدى دور الحماية بجدة أنها تلقت بعد إنشائها بـ11 شهرا أكثر من 100 حالة مورس ضدها العنف الأسري·، كما في دراسة قسم الدراسات الجامعية بجامعة الملك سعود، للدكتورة سلوى الخطيب، عن >العنف الأسري الموجه ضد المرأة في مدينة الرياض(، وقد جاءت نتائج هذه الدراسة بناء على بحث ميداني على الحالات الواردة إلى مستشفى الرياض المركزي والمركز الخيري للإرشاد الاجتماعي، إذ أكد الاختصاصيون الاجتماعيون في المستشفى أن هناك 96 محاولة انتحار من النساء أدخلت المستشفى في عام واحد بواقع 16حالة شهرياً، واعتبرت أن هذه الظاهرة تعبر عن الرفض لما يحدث من عنف أو تسعى إلى جذب الاهتمام· العنوسة والبلوتوث وبيّنت دراسة أجريت على 1200 فتاة ما بين سن 18 و25 تحت عنوان: (الفتاة والبلوتوث) عام 2009 أن 85% من الفتيات في الدراسة يعتقدن أن البلوتوث أصبح أداة تعارُف آمنة بين الجنسين، خاصة في محيط العائلات المحافظة التي لا تؤيد التعارف قبل الزواج، وأن 99% أعلن أن البلوتوث كسر حاجز المحرمات الاجتماعية والعادات والتقاليد؛ لكن، مع الأسف الشديد، يعشن بسبب ذلك جحيماً لا يطاق· وأن 22% أفدن بأن الفتيات الطيبات وقعن ضحية البلوتوث إرسالاً و88 في المائة استقبالا وتلقياً· وأمَّا العنوسة فقد بلغ عدد غير المتزوجات من عمر 25-49 سنة عام 1425هـ على مستوى المملكة مائتين وثلاثة وأربعين ألفاً وثلاث عشرة فتاة (243013)· وهكذا تشرح لغة الأرقام قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إلا تفعلوه تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)، فهل فهمنا الحديث ومعناه؟ فوالله! إن لم يتدارك الآباء الأمر لمواجهة مشكلة عضل البنات ليعُضوا أصابع الندم طويلاً، فاحذروا؛ فإن السيل من اجتماع النقط·