انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة انتشار مراكز "المساج" بالعديد من دول الخليج العربي، تحت عناوين براقة منها "العناية بالجسم.. الرعاية الصحية.. الحفاظ على البشرة، تقوية العضلات"، إلى غيرها من اللافتات العريضة التي ترغب في الاهتمام بالصحة العامة، ومنها الاهتمام برشاقة جسم الإنسان، والذي يعد الهدف الأول من إنشاء مثل هذه المراكز. وعلى الرغم من هذه الشعارات التي تعكس كما هو مفترض الاهتمام بالصحة العامة، وجسم الإنسان على وجه الخصوص، والاهتمام بقوامه، فإن مثل هذه المراكز أصبح ينظر إليها بعين الريبة، في ظل توسعها وانتشارها بالعديد من البلدان العربية، ومنها على وجه الخصوص منطقة الخليج، من دون ضوابط أو رقابة صحية. موضع الريبة هنا تكمن في أن مثل هذه المراكز أصبح ينظر إليها بأنها تخطت حاجز الرقابة، وعدم وضع ضوابط لها، ما ينذر بتهديد لصحة الإنسان الذي ترفع هذه المراكز شعار المحافظة عليه، حتى وإن تعلل أصحابها بأنها ظاهرة تكاد تكون عالمية. وفي هذا السياق فإنه بالنظر إلى البدايات الأولى لنشأة هذه المراكز تبدو المخاوف من انتشارها دون وضع ضوابط، أو الرقابة على عملها، فعندما بدأت وانتشرت بدول العالم كان ذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، واتجاه فتيات دول أوروبا الشرقية إلى الانفتاح والتحرر، والاتجاه إلى الدول العربية تحت مسمى التدليك أو "المساج"، فقمن بمزاولة البغاء تحت هذا المسمى . ولذلك تبدو المخاوف من أن تبدو بعض المظاهر غير لائقة أو الممارسات غير الأخلاقية بدعوى "المساج" والحفاظ على صحة الإنسان، أو مراعاة رشاقة الجسم، في الوقت الذي تسيطر فيه بعض العادات والانحرافات غير السوية على هذه المراكز؛ نتيجة الاختلاط بين الشباب والفتيات. فضلا عن ذلك فإن هناك من يعمل بداخل هذه المراكز من هم من غير المتخصصين، ما يمكن أن يهدد مع ذلك صحة الإنسان ذاتها، والتي أنشئت هذه المراكز بدعوى الحفاظ عليها . كل ذلك يستدعي المتابعة والرقابة على هذه المراكز، والتي تعمل في دولنا العربية، ومنها بالطبع دول الخليج، التي أصبحت تنتشر فيها الظاهرة بشكل لافت، في ظل انتشار مثل هذا النوع من المراكز، تحت عناوين واضحة منها "المساج ، التجميل ، العناية بالجسم"، والتي تصب جميعها في معنى واحد. ضوابط والمؤكد أن العالم العربي ليس أقل حالا من دول غربية، بدأت تضع ضوابط لعمل مثل هذه المراكز، خاصة وأن العالم العربي هو الأقدر على رعاية وضمان العادات المجتمعية، عكس المجتمعات الغربية، التي تنحدر فيها القيم الأخلاقية، وأصبح الخواء الروحي، هو المسيطر عليها. والناظر إلى كيان كإسرائيل - على سبيل المثال وفق ما روته صحيفة هارتس العبرية عبر موقعها الالكتروني- نجده قد حدد قسما خاصا بجهاز الشرطة لملاحقة التلاعبات الأخلاقية في صالونات"المساج". في الوقت الذي تؤكد فيه إحصائيات مسجلة بأن أعدادا كبيرة من فتيات "المساج" تم ترحيلهن من الدولة العبرية، مقابل ما نجده من دول عربية تفتح لمثل هذه الصالونات أبوابها دون قيد أو شرط. ويعتبر د. مصطفى رمضان -الأستاذ بجامعة الفيوم المصرية- أن أي أمر يتعلق بالصحة والعلاج يجب أن يكون على يد استشاري أو طبيب متخصص، أما مراكز "المساج" التي تعتمد على نوع واحد من الضغط، أو على يد مهني غير متخصص، فهذا يسبب الكثير من الأخطار على صحة الإنسان. ويقول: إن تلك المراكز التي تعنى بتقديم صنوف من "المساج"، فالأغلبية منها تسعى للربح المادي والتجاري، وليس الطبي، و عدم وجود متخصصين في علاج العضلات والأعصاب والأوعية الدموية وغيرها، ولذلك يجب تشديد الرقابة على تلك المحال حتى لا تتسبب بخطورة كبيرة لروادها. ويعاني كثير من رواد مثل هذه المراكز من عدم وجود فحوص طبية قبل الخضوع لتمرينات "المساج" التي يوصي بها الأطباء، ما يستدعي وضع معايير أساسية لها، قبل اللجوء لجلسات التدليك، توخيا للحذر من الوقوع في أخطاء "مساجية" وخيمة . وتوصي دراسات متخصصة بالمجالس القومية المتخصصة في مصر بضرورة الفحص الطبي قبل اللجوء إلى "المساج"، باعتبار الطبيب هو الوحيد الذي يمكن أن يقرر بعد الفحص إذا كان المريض بحاجة إلى "مساج" أو عدمه، مع عدم إغفال أن بعض المراكز تفتقد الفحص الطبي والأشعة التي تحدد موضع الألم. وحسبما هو معروف فإن "المساج" يعد من أقدم الفنون العلاجية الصينية التي عرفت منذ آلاف السنين، وازداد الاهتمام به في الوقت الراهن، وهذا ما تؤكده لنا الدراسات والأبحاث، إضافة إلى زيادة الإقبال على العيادات المختصة بالتدليك الصحي، حيث إن مجرد سماع كلمة (مساج) تخلق نوعا من الارتياح وتخفف من الضغوط، ولذلك يسعى الكثير إلى الحصول على قسط من الراحة العضلية والذهنية، على سرير التدليك. ولكن إذا مورس "المساج" وفق سياقه الصحيح بوضع ضوابط دينية وطبية لعمل مراكزه، فإنه سيكون وقتها حاملا للعديد من الفوائد الصحية والنفسية، فهو يعمل على تنشيط الدورة الدموية، ويجعل الجلد يأخذ ما يكفيه من الأكسجين كما أنه يقوي العضلات، ويزيل التعب والإجهاد، إضافة إلى التخفيف من الضغوط المختلفة كالشعور بالعصبية والقلق، وافتقاد جو الأمان، والمشاكل العائلية، والمشاكل المالية، وغيرها من ضغوط الحياة. وفي المقابل.. قد يكون "المساج" ممنوعا في حالات ارتفاع درجة الحرارة، حسب نوع الألم والورم، ما يتطلب اللجوء إلى العلاج الدوائي، حتى يتفادى انتشار المرض بالتدليك.