قالت إحداهن إنها تمضي قرابة الأسبوع وأكثر لا يدور بينها وبين زوجها غير الملح من الكلام في متطلبات المنزل والأولاد، أما ما يمت لأي حديث خاص يتعلق بهما فقد أصبح بحكم النادر، وحين سألتها عن رأيها في ما يكمن من سبب وراء ذلك، قالت: لا أرى شيئا غير الملل من طول العشرة، بل وأزيدك شعرا بات الملل والرتابة ينشآن سريعا بين الزوجين، فتجد من لم يمض غير السنة وقد بدأ يتنحنح بذلك ويطريه.لو ملنا إلى جانب تحليل ذلك، فأعتقد أن الموضوع في تصوري لا ينشأ بالضرورة عن واقع حي، يقال لو تصورنا أن السماء ستمطر فسوف يحدث ذلك! ونشوء الفجوة بين الزوجين منذ بداية حياتهما وتركها تتسع هي أساس البلاء الذي ينتج عنه كل هذه التراكمات من رتابتها وعقدها وجفائها وغير ذلك.فمتى ما تصور الزوجان أن حياتهما بدأت تنحني لجانب تأدية الواجب والقيام بمستلزمات الأسرة والحقوق الكامنة في أفعل ولا تفعل، يبدو لهما الأمر مثل الوظيفة التي تتطلب الإنجاز السريع ليس حبا في تأديتها بقدر ما هو هدف لنيل ما وراء ذلك من مصلحة أو قضاء حاجة مؤقتة.وثمة جانب آخر ملموس يكمن في التباعد في الفكر والإحساس أو ما نطلق عليه الجانب الروحي، وليس ضرورة التوافق الكامل في الاهتمامات بقدر ما هو توافق نفسي ينبت بينهما شجرة الحب والمودة والتراحم، ومن خلال ذلك تتفرع الرغبة في التواصل والتكامل والحاجة الدائمة لدفء والطمأنينة في ما بينهما.. ومن المضحك في الموضوع أن بعض المفكرين من الجنسين حين يبدأ في مناقشة ذلك يملي ما يعتقد وليس ما هو حقيقة في تفسير وحل هذا الأمر، فيعلق بعضهم على أن المرأة هي المسؤولة بالمقام الأول وعليها ما عليها من واجب في تتبع ما يرضي الزوج ويريحه وينعش ذاكرته، وتكتب الأخرى أن الزوج يتحمل المهمة الصعبة والقوامة في تغيير هذا الواقع المحزن، وعليه أن يتحمل العبء كامل فتتسع الهوة بينهما ويتمثلان في صورة التي نقضت غزلها من بعد قوة!لا نريد أن نتمثل الآن في قول، أقصى الأمل تولد في أقصى الشقاء، بل نريد الخلوص لتفسير مريح لظاهرة الخسوف بين الزوجين وبدون فلسفة أو إطالة، أقول أن العقدة تكمن في النفوس والعقول وليس في الألسنة ومتى ما أدرك ذلك ستنجلي. في أمان الله.* نقلاً عن صحيفة "عكاظ"، السبت 6 صفر 1433 (31 ديسمبر 2011).