يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية.. وهو ظاهرة عامة في جميع المجتمعات ويبدو أنه يزداد انتشاراً في مجتمعاتنا في الأزمنة الحديثة والطلاق هو " أبغض الحلال " لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال ومن ثم الآثار الاجتماعية والنفسية العديدة بدءاً من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة وغير ذلك.          ومما لا شك فيه أن تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وتكوين الأسرة قد نال اهتمام المفكرين منذ زمن بعيد. ونجد في كل الشرائع والقوانين والأخلاق فصولاً واسعة لتنظيم هذه العلاقة وضمان وجودها واستمرارها. ويهتم الدين ورجال الفكر وعلماء الاجتماع وعلماء النفس بهذه العلاقة، كل يحاول من جانبه أن يقدم ما يخدم نجاح هذه العلاقة لأن في ذلك استمرار الحياة نفسها وسعادتها وتطورها.وتتعدد أسباب الطلاق ومنها الملل الزوجي وسهولة التغيير وإيجاد البديل وطغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق، كل ذلك يحتاج إلى الإصلاح وضرورة التمسك بالقيم والفضائل والأسوة الحسنة.ومن الأسباب الأخرى "الخيانة الزوجية" وتتفق كثير من الآراء حول استحالة استمرار العلاقة الزوجية بعد حدوث الخيانة الزوجية لاسيما في حالة المرأة الخائنة. وفي حال خيانة الرجل تختلف الآراء وتكثر التبريرات التي تحاول دعم استمرار العلاقة.بحسب آخر الإحصائيات الصادرة من وزارة العدل فإن عقود الزواج التي تمت بالمملكة خلال عام واحد بلغت 115549عقداً بمعدل 316عقد زواج يومياً فيما بلغ إجمالي صكوك الطلاق بالمملكة 24428صك طلاق أي بمعدل 66صك طلاق يومياً.. وكشفت دراسة أخرى أعدتها وحدة الأبحاث في مركز الدراسات الجامعية أن نسبة الطلاق في المملكة ارتفعت لتتجاوز الـ60% وبالتحديد في أواخر عام 2007م. 66حالة طلاق يومياً وارتفاع النسبة لتتجاوز إلى 60% على الرغم من الدهشة التي قد تبدو على البعض جراء تلك الأرقام والنسب إلاّ أنني اعتبرها في المعدل الطبيعي في ظل الثقافة التي يحظى بها العروسان أو الزوجان عن الحياة الأسرية قبل دخولهما تلك الثقافة مازلت هشة ودون المأمول.فأغلب الشباب والفتيات ينخرطون في تكوين أسرة دون وعي بأهميتها ودون دراية كل طرف بطبيعة الآخر ونفسيته والطريقة الصحيحة للتعامل معه. معظم أسباب حالات الطلاق لا تتعدى أن تكون نتاج خلافات يومية بسيطة أجزم أنها ستكون عابرة وطبيعية لو كانت الأرضية التي يبنى عليها الزواج تعتمد على الشفافية والوضوح ومراعاة كل طرف للآخر. ورغم تعدد الحلول في هذا الصدد إلاّ أننا نجد تجاهلاً مستمراً لقدرة برامج التدريب والتطوير الذاتي على حل تلك المشكلات والمساهمة في علاج الكثير من قضايانا الشائكة. في ماليزيا (نسبة المسلمين حوالي 60%) بلغت نسبة الطلاق في عام 1992م حوالي 31% وهو رقم وقف أمامه رئيس الوزراء آنذاك مهاتير محمد ووجده يشكل عائقاً أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تطمح بها البلاد آنذاك قرر مهاتير لمعاجلة هذا الوضع استحداث ما يسمى (رخصة الزواج) وهي عبارة عن دورات تطويرية في الحياة الزوجية تستلزم طالبي الزواج من الجنسين قبل توثيق عقد الزواج انخفضت نسبة الطلاق في ماليزيا بسبب تلك الرخصة في ذلك العام إلى 7% ولا تحضرني النسبة الحالية للطلاق لكن الأكيد أن ماليزيا تعتبر من أقل دول العالم في حالات الطلاق. إن تجربة المجتمع الماليزي ذي التعددية الثقافية المختلفة التي قد تقف عائقاً مباشراً أمام علاج قضايا بحجم "الطلاق" أدركت وبوعي ديني دون تردد في جدوى استخدام التدريب والتطوير الذاتي في علاج هذه المشكلات. ووسط تركيز البعض على عدد من الحلول التقليدية والتي تأتي على شكل وصفات عامة كالخطب والمحاضرات والندوات أو وصفات خاصة تظهر على شكل مبادرات شخصية وذاتية لعلاج قضايا الطلاق إلاّ أن الأرقام والنسب لدينا تؤكد عدم فعالية تلك الأدوات على مدى السنوات العشر الماضية على أقل التقديرات ففي السنوات الأخيرة بدأ واضحاً ارتفاع المعدل رغم ارتفاع الجهود المبذولة لمعالجة الوضع القائم وهو ما يعني قطعاً حاجة البحث عن حلول أخرى أبرزها إقرار رخصة ممارسة الحياة الزوجية. من المؤسف حقاً أن يقف الجميع صامتاً أمام كارثة الطلاق التي يشهدها المجتمع المسلم كارثة الطلاق تستمر في إحداث شروخ في جسد المجتمع ليس لها نهاية ولا يقف ضررها في محيط الأسرة بل يتعدى ذلك الضرر للمجتمع عامة ولمستقبل بعيد أيضاً.إن التدريب والتطوير الذاتي يشكل أحد الحلول الناجعة لمواجهة شبح الطلاق وإذا ما حدث تحالف ايجابي وواضح بين مؤسسات التدريب والجهات المنوط بها عقود الزواج فإننا سنشهد تراجعاً في الأرقام ووقفاً للنزيف الاجتماعي الذي يفتك بنا باليوم 66مرة ويرسم لنا مستقبلاً من الصعب تصور نتائجه.مقال للمهندس حامد عوض العنزي :http://www.alriyadh.com/2008/07/01/article355075.htmlمقتطفات من مقال الدكتور حسان المالح :http://hayatnafs.com/moshkelat/divorce.htm