هذه قصة جميلة ترويها إحدى الأمهات آثرنا نشرها وفيها حكمة تربوية عظيمة للجميع.حيث تقول الأم :ذات ليلة ، رأيت في المنام أن ابني يشعل أعواد كبريت ويقربها من عينيه حتى أصبحتا حمراوين .فاستيقظت فزعة من نومي وأنا أتعوذ من الشيطان الرجيم . لكن بالي لم يهدأ، وبقيت قلقلة منزعجة من ذلك الحلم.مرت الدقائق تباعاً بطيئة ولم أستطع النوم.عندها نهضت من سريري وذهبت لغرفة ابني المراهق ، والذي يبلغ السادسة عشرة من عمره . كان باب غرفته شبه مغلق. فنظرت من شق الباب المفتوح قليلاَ فوجدته جالساَ أمام شاشة الكومبيوتر.كان ضوء الشاشة ينعكس على النافذة ، ورأيته يرى ما أفزعني حقا .. وأثار كل مخاوفي .رأيته وهو يشاهد فيلماً إباحياً على شاشة الكومبيوتر .أردت أن أقتحم الغرفة وأن أصرخ في وجهه .. لكني آثرت الانسحاب ، خاصة وأني تلصصت عليه فلم يشعر بوجودي.رجعت إلى فراشي ، وراحت الأفكار تتلاطم في رأسي .هل أخبر أباه ليتسلم مسؤولية تأديب ابنه ؟هل أنهض من فراشي وأقفل شاشة الكومبيوتر وأوبخه على فعلته ؟هل أعاقبه ؟ وكيف ؟لكنني هدأت قليلاً ثم دعوت الله أن يلهمني الصواب لكي أقرر كيف أتصرف في الغد . ونمت وأنا أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.وفي الصباح الباكر ، رأيت ابني يستعد للذهاب إلى المدرسة ، وقد كنا لوحدنا . فوجدتها فرصة للحديث وسألته :رائد .. ما رأيك في شخص جائع، ماذا تراه يفعل حتى يشبع ؟فأجابني بشكل بديهي : يبحث عن شيء ليأكله ، أو يذهب إلى مطعم و يشتري شيئا ليأكله . فقلت له : وإذا لم يكن معه مال لذلك ؟عندها صمت وكأنه فهم شيئا ما ... فبادرته بسؤال آخر : وإذا تناول فاتحا للشهية .. ماذا تقول عنه ؟فأجابني بسرعة : بالتأكيد هو شخص مجنون .. فكيف يفتح شهيته لطعام هو ليس بحوزته؟فقلت له : أتراه مجنوناً يا بني ؟أجابني : بالتأكيد يا أمي .. فهو كالمجروح .. الذي يرش على جرحه ملحا . فابتسمت عندها وأجبته : أنت تفعل مثل هذا المجنون يا ولدي ...فقال لي متعجبا : أنا يا أمي !فقلت له : نعم .. برؤيتك لما يفتح شهيتك للنساء .عندها صمت وأطرق برأسه خجلا ...فقلت له ولكن بصوت حنون محب : بل أنت يا بني مجنون أكثر منه . فهو فتح شهيته لشيء ليس معه .. وإن كان تصرفه غير حكيم .. ولكنه ليس محرماً .أما أنت ففتحت شهيتك لما هو محرم .. ونسيت قوله تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ، ويحفظوا فروجهم ، ذلك أزكى لهم.إن الله خبير بما يصنعون .عندها دمعت عينا ابني بحزن .. وقال لي :حقا يا أمي .. أنا أخطأت .. وإن عاودت لمثل ذلك .. فأنا مجنون أكثر منه ..بل وآثم أيضا .. أعدك بأني لن أكررها .