موضوعنا اليوم مروّع ومنفرٌ للنفوس السوية.. نعتذر.. ولكن جرس الإنذار يجب أن يُقرع.. أثبتت دراسة علمية نشرت مؤخراً -شملت أطفالاً دون الثامنة من العمر- أن 47% من أطفال الخليج يتلقون رسائل إباحية تدعوهم للتعارف الجنسي.. وأن 83% منهم يتلقون على البريد الالكتروني رسائل وصورا لا تتناسب مع أعمارهم.. تلك الدراسة لم تكن بالنسبة لنا جرس الإيقاظ الوحيد.. ففي لقاء قريب جمعني بـ د.سرور قاروني رئيسة مركز «كن حراً» تحدثنا باستفاضة عن القفزة التي شهدتها حالات التحرش الجنسي عبر الانترنت والتي تتطور لاستدراج القاصرين والأطفال لأحاديث وممارسات كثيرا ما تصل لابتزاز يقود في الغالب للقاءات مباشرة في مرحلة لاحقة !!نتكلم هنا عن تجارب تدور بين ظهرانينا قد يكون أحدها يدور -الآن- في إحدى غرف منزلك.. تجارب مريعة وخيمة تثبت أن المنزل أيضا لم يعد بالملاذ الآمن للأطفال -كما كنا نخال- من شرّ المرضى النفسيين والذئاب التواقين لانتهاك الطفولة!!في استطلاع أجراه ‹›بيوانترنت اند امريكان لايفبريجكت›› على المدارس استخلصت الدراسة أن 33% من الأطفال يتعرضون للتحرش الجنسي عبر الانترنت عبر غرف الدردشة والرسائل الالكترونية من قبل بالغين أو قصر.. وأن 15% منهم -زهاء نصف العدد- يستدرج لفتح الكاميرا ‹›المتوفرة في أغلب الأجهزة المحمولة لدى أطفال اليوم›› وممارسة درجة ما من التواصل الجنسي!!اليوم، هناك دور بغاء الكترونية تستهدف الأطفال والمراهقين بشكل خاص.. غاية مرتاديها التواصل جنسياً -ولو من بعد، ولو شفاهة أو عبر الصور- مع أطفال حول العالم، وهناك مبالغ مهولة تدفع في هذه المواقع للاستعانة بأخصائيين نفسيين يعطون تعليمات مباشرة - لكل مشترك على حدة- حول كيفية كسب ثقة هذه الصغير/الصغيرة تدريجيا.. وكيفية ترغيبهم وعدم تخويفهم؛ وتلك التعليمات ‹›المباشرة›› تُمنح للمتحرش بعد وضع سن وبلد وحالة الطفل المستهدف في الحسبان..!! مؤخراً فقط، تتبعت المباحث الفيدرالية شبكة أميركية كبيرة.. وتكشّف أن من مرتاديها قضاة ومحامين في محاكم حماية الأطفال من الاعتداء «تخيلوا!!» كثير من هؤلاء آباء محبون؛ أطباء بارزون وسياسيون مرموقون.. يبحثون عن خرق القانون والسنن الكونية للمغامرة وكسر جمود حياتهم ولو عبر كسر براءة أطفال يماثلون أبناءهم سناً..وقد اكتشف أن لهذه الشبكة فروعا عدة في الشرق الأوسط بالمناسبة!!قطاع عريض من المشكلة في تقديرنا يكمن في أن الأطفال عندنا يحذرون دوماً من مغبة العلاقة مع الجنس الآخر.. ومن حرمة العلاقات المباشرة أياً كانت أفلاطونيتها ولا يحذرون من مغبة علاقات كهذه.. ولأن الرغبة في التعارف والمصادقة هي فطرة بشرية فإن هؤلاء الصبية والفتيات كثيرا ما يلجئون لتكوين صداقات عبر «الكترونية» في عالم افتراضي، حيث الخصوصية بلا قيود ولا تأنيب.. وفي هذا العالم البعيد عن ناظر الراشدين، الذين لم ينفتحوا في طفولتهم على عوالم كهذه، يمرّ الطفل بما لا حصر له من التجارب التي كثيرا ما تشوه براءته وطفولته..العلة هنا تكمن في أن الوالدين غالبا ما يكونون متواضعي المعرفة بعالم التكنولوجيا.. بعضهم يفتخر أن ابنه وابنته يقضون 6 ساعات أمام شاشة الكمبيوتر وأنهم قلما يتركونه أو يخرجون من المنزل لولعهم بهذا الجهاز الصغير !! كثير منهم للأسف لازال يظن أن الأبناء في مأمن في المنازل - وهو ما كان صحيحاً حتى وقت قريب - إلا أن الواقع اختلف واختلفت معه الوقائع..