استخلصت دراسة أعدها مركز أبحاث جرائم الطفولة في جامعة نيوهمبشر أن ثلثي الذئاب البشرية المتربصة بالأطفال على الانترنت قد قابلوا ضحاياهم -أولا- في غرف الدردشة منتحلين شخصية أطفال بعمرهم فيما قابل الثلث الآخر ضحاياه عبر حلبات كـ«فيسبوك» و«ماي سبيس».. تلك النتائج تكتسبُ أهميتها إن ما ربطناها بدراسة أخرى جاءت من القاهرة تثبت وجود دلائل على أن الصغار الذين يزورون غرف الدردشة هم غالبا أولئك الذين يشعرون بالوحدة أو الكآبة أو بالاغتراب عن والديهم.. كثير منهم يعاني من سوء المعاملة؛ والتجريح والنهر والانتقاد المستمرين؛ وكلها عوامل تجعل الطفل مرشحاً للوقوع تحت الهيمنة العاطفية للمتربصين..في الأيام الماضية التي قضيتها في الاستقصاء عن هذا الموضوع مررت بقصص مروعة.. وشهادات لأطفال منتهكين ملؤها الخزي والعار ومشاعر الذنب والدونية.. وهي مشاعر مدمرة تهز نفوس الراشدين فما بالكم لو عصفت بنفوس يافعين لم تحنكهم الحياة بعد..!!بعضهم اسُتدرج للحديث عن مشاكله وأسرار عائلته ثم استغلت لتهديده وتطويعه.. بعضهم تورط في البداية بتبادل الأحاديث والصور الخلاعية مع من كان يظنهم أقرانا من عمره «بدافع الفضول الغريزي لدى الطفل والمراهق لمعرفة خبايا هذه العوالم» حتى اكتشف أنه في حضرة بالغ يهدده بفضحه في منزله ومدرسته..!! بعض الفتيات في الـ12-14 من العمر اتخذن من الدردشة باباً لعيش قصص الحب التي يستعجلون تجربتها؛ بعضهن اكتشفن أن الحبيب متزوج في العقد الرابع من عمره ومع ذلك استمرت العلاقة تحت غطاء الشغف والحب الوهمي.. مع بعضهم الآخر بدأ الأمر بطلبات عادية مثل نزع الكنزة أو القميص أمام كاميرا الكمبيوتر بعد تذكيره أن أبويه يسمحان له بذلك علنياً عند ممارسة السباحة؛ ثم يتطور الأمر تباعاَ.. المشكلة هنا ليست في التكنولوجيا؛ فالانترنت هو باب لعوالم واسعة مثيرة تخرج المرء من شرنقة بيئته.. ولكن خطر استغلال البالغين للصغار يبقى ماثلاً لتواضع وعي الأطفال بكيفية حماية أنفسهم.. دور المدرسة والمعلمين والآباء في هذا المُورد مغيب تماما بل إن بعضهم لا يملك المعلومة ولا يستشعر المخاطر القائمة في دنيا اليوم ويريد لأبنائه أن يشبوا على البركة كما شبّ هو من قبل..!! بعضهم يعرف ولكنه يتحرج أو يتباطأ أو يتلكأ في فتح هذه المواضيع الحساسة مع أبنائه بدعوى «أن أبناء اليوم يعرفون كل شيء» وعذرٌ كهذا هو بالطبع أقبح من الذنب نفسه.. فأبناء اليوم يختبرون الكثير من التجارب ولكنهم قلما يملكون قيما وضوابط تحفظ لهم توازنهم في عالم اليوم المتلاطم.. إن عدم معرفة الوالدين بالتكنولوجيا ليست بعذر.. فالساعات الطويلة التي يقضيها الطفل والمراهق منعزلاً على الانترنت مؤشر.. ارتباكه ومسارعته لإغلاق الجهاز كلما اقترب منه أحد مؤشر على وجود خطب.. نزوعه للانعزال والهدوء أو العدائية مؤشر لوجود خطب.. إن مسؤولية الآباء الأولى تجاه أبنائهم هي ألا يكتفوا بتمني أن لا يتعرض ابنهم/ ابنتهم للاستغلال الجنسي بل بتوعيتهم بما يتربص بهم من مخاطر في كل حلبات الحياة..ختاماً:وسأورد لكم هنا مواقع مفيدة تستطيعون استخدام برامجها للتحكم في المواقع الخطرة التي يلج لها أطفالكم:ـ مركز استخدامات الانترنت الآمنة والمسؤولة«www.csriu.org»مركز أبحاث الجرائم الموجهة ضد الأطفال في جامعة نيوهمبشر m»www.unh.edu/ccrc»ولحلول انترنتية للأطفال لإغلاق المواقع السيئة تلقائياً هناك:«http://is4k.com» و«www.safeteens.com»كما ستجدون نصائح مهمة بهذا الشأن في الموقع المميز لمركز كن حراً وهو «be-free.info»