تتغير المجتمعات وتتغير معها الثقافات الاجتماعية للبشر، كل شيء له نصيبه من التقدم والحضارة، بما في ذلك الأعراف والتقاليد التي كانت في يوم من الأيام تحوي شيئًا من الإلزام أصبحت في أوقات متقدمة أخف التزاما وأكثر مرونة، ولكن في النهاية يظل الفاصل الوحيد هو الإيمان بصحة الصحيح والعمل على نبذ الخطأ، ولكن مع الأسف فإن انتشار سلوك ما خاطئ يجعله أحيانا كثيرة سلوكا متعارفا، ومن ثم فهو يفقد وطأة الخطأ الذي لو لم يكن منتشرا. فمثلا؛ ممارسة عادة التدخين سلوك في الحقيقة خاطئ، ولكن انتشاره في شريحة كبيرة من الناس ربما جعله أمرا لا يرتفع إلى درجة الخطأ الذي لم يكن فيه السلوك منتشرا.ولعل سلوكيات كثيرة فرض عليها التطور أن تختفي، وفرضت سرعة تحرك المجتمعات أن تنتهي أو لنقل تتقلص مع أنها كانت عادات إيجابية. ففي السابق؛ كان الطفل ذو العشر سنوات يخرج إلى السوق ويجلب احتياجات المنزل لأمه، أما الآن فنجد أنه من الحرص والوعي أن نؤكد على أبنائنا بعدم التحدث إلى أشخاص غرباء أو التحاور معهم في أي طلب، أو الإجابة عن أي سؤال يريدونه، وهو شيء متعارف عليه لدى كثير من المجتمعات العربية بل غير العربية، بينما كان ذلك يصنف ضمن تربية الشهامة خاصة في المجتمع العربي، بل تحمل المسؤولية، وليس هذا المثال فقط بل مجموعة كبيرة من الأمثلة، ولعل الخوض مع الأبناء في التوعية ضد الابتزاز من المفاهيم المستجدة التي من واجب الأسرة التعرض لها ومناقشتها، والتركيز في ذلك على الفتيات، فالكثير من الفتيات لا يدركن عواقب التجاوب في بعض المواقف، ومن ثم ترى الفتاة نفسها وقد اختنقت تحت الضغوط التي تسببت فيها، وفي الوقت ذاته؛ ربما الكثيرات يكن ضحايا لخطوات لم يعمل لها أي حساب، ولعل أدوات الاتصال الحديثة وعلى رأسها الإنترنت سهلت الكثير من قنوات الخطأ، ولا تبدأ سوى بتعارف يعده الآخرون أمرا طبيعيا حتى يتحول على أرض الواقع إلى ابتزاز واعتداء وانتهاكات كبيرة للقيم والأخلاق.والسؤال هنا: هل من الضروري أن تتناول تربيتنا الحديثة مصطلحات جديدة كالتحذير من الابتزاز والتحذير من علاقات الإنترنت؟!! تعد بعض الأسر الحديث فيها من المحرمات، بل تعد أن الخوض فيها من قبل الأسرة يجعل الفتاة متمردة؛ لأن فيها إخبارا لها عن أشياء لا تعرفها ــــ كما تعتقد بعض الأسر ــــ بينما هذا هو المنطق الرئيس لتربية تتخلف عن العصر الذي يعيش فيه أبناؤنا وبناتنا، فالأسرة لا بد أن تتواكب تربيتها مع معطيات العصر، وإلا فإن الأبناء سيصنفونها على أنها تربية فاشلة متخلفة.