شكل اكتشاف الحاسب الآلي نهضة علمية مهمة مكنت العالم من اكتشاف وتطوير الكثير من الأبحاث العلمية والتي أدت هي الأخرى بدورها إلى إنتاج العديد من الآلات والماكينات التكنولوجية المتطورة وبعد الحاسوب جاء اكتشاف الإنترنت الذي طوى المسافات وجعل الكون قرية واحدة ونافس العلماء وفاق العقل البشري في سرعة الحفظ وتفصيل الإجابة وأخيرا هدد شركات الاتصالات بجودة ومجانية اتصاله ووضوح نقله للصوت والصورة، مما جعل الشباب العربي الذي يعاني من البطالة وغلاء المعيشة يدمن على استخدام الانترنت. وبمرور الوقت تزداد جرائم الإنترنت وتعددت صورها وأشكالها ولم تقتصر على اقتحام الشبكات وتخريبها أو سرقة معلومات منها فقط بل ظهرت أيضاً الجرائم الأخلاقية مثل الاختطاف والابتزاز والقتل وغيرها. وفي ظل التطورات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات، ونظراً للعدد الهائل من الأفراد والمؤسسات الذين يرتادون هذه الشبكة، فقد أصبح من السهل ارتكاب أبشع الجرائم بحق مرتاديها سواء كانوا أفراداً أم مؤسسات أم مجتمعات محافظة بأكملها. وهو ما دفع العديد من المنظمات والهيئات إلى إطلاق الدعوات والتحذيرات من خطورة هذه الظاهرة التي تهدد كل مستخدمي الإنترنت حيث أصبحت أسهل الوسائل أمام مرتكبي الجريمة، فراح المجرمون ينتهكون الأعراض، ويغررون بالأطفال، إضافةً إلى اقترافهم لجرائم التشهير وتشويه السمعة عبر مواقع إلكترونية مخصصة لهذا الهدف. التقينا بالشاب أحمد محمد المالكي الذي أكد أن استخدام الانترنت يعود بالأساس إلى مستخدمه فهو مثله مثل كل الأجهزة الإلكترونية كالتلفاز والراديو يمكن أن تستمع وتشاهد فيه ما يفيد ويمكن أن تستخدمه فيما يضر حسب رغبة الشخص .. وشركة كيوتل قامت بجهود مشكورة بإغلاقها للمواقع الجنسية إلا أن الشباب في قطر اليوم أكثر استخداماتهم لبرنامج اسكاي بي الذي يوفر لمستخدم النت التعرف على بنات عن طريق الشات وبعد أن تثق فيه البنت يبدأ يغريها بأن تشغل كاميرا الجهاز ثم يطلب منها أن تتعرى له وبعض البنات تطلب منك مقابلا ماليا فمثلا تطلب منك أن تحول لها أموالا، وأنا أعتقد أن هذا الاستغلال السيىء للنت ناتج أساسا عن قلة الأماكن الترفيهية وضعف المراكز الشبابية في قطر لأنه لو كانت هذه المراكز نشيطة ولديها برامج تستهوي الشباب لاستطاعت أن تملأ فراغ الشباب، ولكن وللأسف البرامج المقدمة في المراكز الشبابية كلها برامج مكررة وليس فيها جديد وبالتالي لم يبق أمامنا إلا استخدام النت من اجل الترويح عن النفس والاستمتاع بالتحدث مع الغير.   توعية الآباء أما يوسف ابراهيم فخرو فيقول: إن نتائج الانترنت على الشباب مدمرة فهو يتحدث عن زميل له كان متفوقا في دراسته إلى أن تعرف في الشات على فتاة ومن يومها أصبح يواصل الليل بالنهار وهو يتكلم ويعاكس البنات حتى أصبح لديه أكثر من عنوان مما أدى في نهاية الأمر إلى رسوبه المتكرر في الامتحانات وترك الدراسة، ويقول أنا أرى أن سبب ذلك عائد إلى جهل الآباء بما يشاهد في الانترنت وما يمكن أن يجلب من مخاطر تضر بمستقبل الشباب وأول شيء أطالب به هو أن تكون هناك حملات توعية للآباء عن مخاطر الأنترنت.   ضعف برامج الأنشطة الصيفية ولم يكن حال محمد الشمري يختلف عن سابقيه حيث أكد أن الانترنت أقل سلبياته على الشباب هو ضياع أوقاتهم فيما لا يفيد هذا فضلا عن ما يتعلمونه من التدخين في السايبر كافيه، ولكن شعبية الإنترنت تزداد يوما بعد يوم بحيث أن الشاب يحس وهو يتصفح الانترنت وكأنه يتجول في شوارع غريبة وهو جالس في بيته أو مع زملائه، ويضيف: كل هذه المشاكل وإدمان الشباب على الانترنت سببها هو ضعف البرامج التي تقدمها المراكز في الصيف، والتي نطالبها هذا العام بأن تنوع برامجها وتضيف جديدا مفيدا.   آثار مدمرة وتقول الدكتورة موزة المالكي: الفتاة إذا دخلت الانترنت واتصل بها شاب فلا يعتبر هذا جريمة أنا أريد أن أوضح للمجتمع : أن البنات يستخدمن الانترنت اليوم لتفريغ نزوات شهوانية لديهن وهذا ليس جريمة كاعتداء وقع ضد البنت بل هو أمر متعمد منها، لكن الخطأ أو الخطر يكمن في أن هذه الهواية سرعان ما تتحول إلى إدمان لدى الشباب ما يؤدي إلى توقفهم عن الدراسة أو ظهور شذوذ لدى البعض ويصل به الاقتناع بما يشاهده إلى أن يعمد إلى نشره أو إقناع الآخرين بممارسته وأنا أحمل الآباء المسؤولية الكاملة عما يظهر لدى بناتهم وأبنائهم من شذوذ وأخلاق دخيلة على المجتمع القطري المحافظ بطبيعته، كما أن سبب الإدمان لدى بعض الشباب هو ناجم عن انفصام الأسرة عن أبنائهم وعدم معرفة مشاكلهم والوقوف على ما يعانون منه. تضيف موزة المالكي هذه المشكلات التي في الغالب يعاني منها الشاب وهو في سن المراهقة، لأن التحول الفسيولوجي الذي يطرأ على المراهق وهو يدخل في سن البلوغ والذي يمتاز عادة بنشاط الهرمونات الجنسية، كل هذه العوامل مجتمعة تجعل الفتاة أوالمراهق يطرأ عليهم اضطرابات نفسية تؤدي بهم إلى البحث عن التعلق بأي شيء يشغلهم عما يعانون من مشكلات، أضف إلى ذلك أن سفر الأسر بأبنائها لقضاء العطلة الصيفية خارج البلاد عادة ما يعود الأبناء منها ببعض الأخلاق السيئة، والتي في الغالب تكون مرتبطة بالاستغلال السيء للانترنت. وأعتقد أن العلاج النفسي للجريمة عبر الانترنت يتم عن طريق تنظيم الأسرة لزيارات دورية للأقارب من أجل شغل فراغ الشباب وربط علاقات بينهم وبين أبناء عمومتهم، كما أن وضع المراكز الشبابية لبرامج ترفيهية مفيدة تستهوي الشباب وتشغل فراغهم، وكذلك أيضا إقبال الأسر على السياحة الداخلية بدل السفر بأبنائهم إلى الخارج مما يجعلهم يتكلفون أموالا أكثر ويجلبون أمراضا اجتماعية تمس أخلاق المجتمع في الصميم.   تعاون الدولة والمؤسسات أما الشيخ عبد السلام البسيوني فيقول إن جرائم الانترنت ليست قاصرة على التعاطي الإباحي والخلاعة بل تشمل جرائم التجسس وتسويق المخدرات ومسألة النظر إلى النساء العاريات والتحدث معهن، تعتبر من أخف جرائم الانترنت فممارسة التبشير وزعزعة المعتقدات الدينية وتزايد نشاط الماسونية العالمية الهدامة وسب الإسلام وجرائم لا تحصى يوفرها الانترنت وإن كنت أعتقد أن كلها تهدف إلى القضاء على الإسلام وأهله. ولأصحاب السوء دور كبير في هذا الجانب إذ أن الشاب قد يتأثر بأصدقائه ويقلدهم في أفعالهم، لذلك إن الصحبة السيئة تنعكس على نفسية الشاب لأنه بطبيعة الحال فضولي ولديه الرغبة لاكتشاف الأمور الجنسية. وثمة أمر آخر ألا وهو نقص الوازع الديني حيث ينبغي على الأسر أن ترسخ هذا الوازع في قلوب أبنائها وتربيهم تربية حسنة حتى يصبحوا محصنين ضد فعل المعصية. وطالب الشيخ عبد السلام البسيوني الدول بالتعاون مع المؤسسات من أجل توعية الشباب والفتيات والتعاون بين البيت والمدرسة لأن الطفل يتطبع منذ صغره بالايجابي والسلبي. لأنه لا شك في أن لانتشار الجنس والإباحية الجنسية على شبكة الإنترنت انعكاساته السلبية على المجتمع، وتجارة الجنس الرابحة جداً هي الدافع الأساسي وراء نشر الجنس على صفحات الإنترنت. والانترنت اليوم يعتبر هو التحدي الأساسي أما الدعاة والمشايخ وكل من يتولى مهنة الإرشاد في المجتمع عليه أن يلم بعلم الإنترنت، لأنه بضغطة زر واحدة يمكن أن تنسف جهود عشرات السنين من الدعوة والإرشاد وتوعية المجتمع. ويضيف: إن التربية الإسلامية والقيم الدينية الوقائية هي حائط الصد وأن هناك عدة قواعد وضعها الإسلام لمواجهة الغريزة الجنسية وتهذيبها أولى هذه القواعد كما أشرنا التربية على العقيدة الإسلامية، وثانيها هو التربية الأخلاقية من خلال أخلاقيات الإسلام كدين معالج لكل القضايا الاجتماعية النفسية والقاعدة الثالثة هي التربية الفكرية من خلال غرس المفاهيم والموازين الشرعية والأساليب العفيفة، والتعرف على أسباب وبواعث الانحراف الخلقي وآثاره على الفرد والمجتمع. ويختم الشيخ البسيوني حديثه بقوله: تتركز القواعد الوقائية في أن الإسلام ذاته يجب أن يكون منهج حياة في كل الجوانب، وكذلك قاعدة الزواج وتقوية الإرادة الإنسانية لدى أفراد المجتمع، والعمل على تجنب المثيرات الجنسية واتخاذ الصحبة الصالحة.