سأل أحمد زوجته منى عن إهمالها لزينتها فكانت إجابتها صادمة له، "لا وقت لديها فهي مشغولة بطفلها"، فتركها حزينًا بعدما هددها بزواجه بثانية، وقال لها ضمن ما قال: "إنني زوجك ولا أريد منك إلا أبسط حقوقي كزوج"، وكان العجيب رد فعلها، فقد أخذت تعامله بلطف ودلال، بل ورقة لم يرها من قبل، وأخذت تهتم به وتعطيه من وقتها أكثر مما كان يحلم به.. وعادت منى الزوجة إلى حبيب قلبها أحمد.. يزحف الثلج إلى بيوتنا، فصرت ترى البرودة والثلوج تخيم عليها، لا دفء، لا عاطفة، كل شيء راتب ممل فيها، العودة إليها لا لشيء إلا للطعام والمبيت وفقط، أما السعادة والدفء فلا مكان لهما وسط كل هذه الثلوج، أيام وتمر، لا حركة، لا نبض، لا عاطفة، يعود من عمله ليأكل وينام قليلاً ثم يهرول من بيته إلى أصحابه، حيث الأنس والراحة، يفر من بيته كما يفر من الأسد المفترس.. وتيرة واحدة تسير معها وعليها الحياة، لا تغير لا تجديد، الصورة متكررة كل يوم، هو هو نفس الطعام.. هي هي نفس البرامج التي تشاهد على التلفاز، هي هي نفس الكلمات المنطوقة، لا جديد، حتى الحياة الخاصة صارت راتبة مملة، أين الحب العظيم والرومانسية الطاغية؟ من الواضح أنهما ذهبا بمرور الزمان. اعترافات من الواقع.. تقول إحدى النساء التي مر على زواجها عشرة أعوام :- لم يعد زوجي كعادته يدللني، فيهدي لي وردة حمراء، ويضع يده على كتفي بكل رقة وحنان، ويأخذني إلى أي مكان متى شئت وكيفما أريد، يا ترى هل هذا مني أم من زوجي؟ أم ماذا؟ هل نقص جمالي؟ إنني لا أزال جميلة، فأنا عمري الآن 38 سنة، أين هذه الابتسامة التي كانت لا تفارق شفتيه؟ أين الرومانسية التي كنت أفاخر بها زميلاتي في العمل؟.. إنني أشاهد في كل يوم أفلامًا تركز على هذه الرومانسية، وأقرأ قصصا أحس من خلالها أن الحياة الزوجية جنة، فأين حياتي من كل هذا؟! لا مفر من التغيير.. تقول الخبيرة الاجتماعية نجلاء محفوظ : الاعتياد والرتابة قد يقتلان الشوق إلى الزوجة في نفس الزوج، والذكاء يقود إلى التغيير منعًا للملل الزوجي، حتى لا تمضي الأيام، وتضعف العلاقة، ويبدأ الشعور بأنه واجب لابد من أدائه، وهنا لابد من التوقف وتدبر أهمية عدم المبالغة في الحديث عن الملل في العلاقة الحميمة، فالحياة الزوجية يمكن أن تزدهر وتتجدد، ولا بأس بفترات من الملل المؤقت والعابر، أما إذا زاد الملل وأوشك أن يصبح ظاهرة، فلا مفرّ من التغيير في كل شيء. روشتة ناجعة واختم بأن التغيير هو كلمة السر، فالاعتياد والرتابة تقتل الحب والشوق، والوعي بأن بذل الجهد باستمرار هو ضمان المحافظة على الحب أمر أساسي، وكم من بيوت تهدمت بعد سنوات طويلة؛ لأن الزوجين فقدا الحب في الطريق دون أن يشعرا، ولم يقوما بري زهور المودة والرحمة؛ فذبلت وماتت، وفي لحظة ما قد يبحثان عنها، ولكن بعد فوات الأوان.