في كثير من الأحيان نحاول الهروب من مشكلاتنا إلى أين؟.. لا ندري؛ المهم أن نتجاهلها.. نتناساها.. نقلل من خطورتها؛ وكل هذه الحالات أنادي بها ولكن ليس على الدوام. فتجاهل المشكلة الصغيرة يحولها إلى مشكلة كبيرة. وتناسي المشكلة يشعرنا بالراحة قليلًا لكن سرعان ما ينتابنا شعور بالقلق والاكتئاب. والتقليل من خطورة المشكلة لن يحلها.. والحق هو أن نضع كل مشكلة في موضعها الصحيح.فمثلًا مشكلات فتياتنا؛ منها ما نضخمه ونجعله في الصدارة والقائمة، ومنها ما نهمله ونضعه في سلة المهملات؛ وقد نخطئ وقد نصيب في تقديراتنا. لنأخذ مثالًا لمشكلات فتياتنا.. مشكلة عدم محافظة الفتاة على الصلوات الخمس، هل أعطيناها حجمها من الخطورة؟! للأسف الكثير منا لا يسأل أهله عن موضوع الصلاة، بل تجده يذهب بهم إلى حفلات الزفاف من العصر ولا يعودوا جميعًا إلا بعد منتصف الليل وأهله لم يصلوا لا مغرب ولا عشاء، وبالطبع صلاة الفجر تأتي عليهم والناس نيام. وفي المقابل؛ نجد أن هناك استنفارًا أمنيًا في المنزل واستعدادًا شرسًا وباكرًا عند إعلان الذهاب إلى الأسواق، والبحث عن سائق يوصلهن إلى السوق يمثل المشكلة الكبرى التي تتطلب حلًا عاجلًا.. فأين المقارنة بين الحالتين؟! لا توجد.. هذه صلاة وركن من أركان الإسلام، وتلك أسواق هي أبغض الأماكن إلى الله. وهناك مشكلة كبيرة في مجتمعنا لا بد من الالتفات إليها والعمل على تجاوزها، ألا وهي العنوسة.. وللأسف تجاهلها المجتمع أيما تجاهل؛ فتعليم الفتاة أصبح المطلب الأول، وتزويجها أصبح المطلب الأخير؛ لذا.. خرج لنا شبح العنوسة. كنت قد كتبت قبل فترة مقالًا بعنوان: (اركبي أسوأ قطار وإلا فاتك القطار) تكلمت فيه عن العنوسة وأهمية المسارعة في الزواج قبل الوصول إلى سن يقل فيه الخُطَّاب على الفتاة؛ فكتبت لي إحدى الأخوات تعليقًا أكد لي شعوري السابق بأن المجتمع لا يعترف حقًا بمشكلاته الرئيسية ويضعها في موضعها الصحيح: كتبت هذه الأخت تقول: «ليس الأب والمجتمع فقط هما من يجرح مشاعر البنت ولكن مقالك هو الأكثر جرحًا.. ينقصك أن تقول (خذي أي واحد من الشارع).. بالنسبة لي أفضل أن أجلس في بيت أهلي معززة مكرمة ولا ارتبط بأي أحد من الشارع. (انتهى). لا أحد يطالب الفتاة بالاقتران بمدمن مخدرات، أو صاحب سوابق، حاشا وكلا؛ بل كل ما نطلبه هو الدين والخلق.. ولقد قيل في الأمثال: (زوج من عود أفضل من قعود) والمثل المصري الذي يقول: (ظل راجل ولا ظل حيطة). تخيل نفسك بدون وظيفة ما شعورك وأنت ترى من إخوانك أو أقربائك من يمتلك وظيفة وأنت بلا وظيفة؟!! نفس الشعور الذي تشعر به الفتاة التي تقدم بها العمر ولم تتزوج، صحيح أن الشاب الذي لم يجد وظيفة قد نقول له اعمل في أي مهنة شريفة، وكذلك الفتاة التي تقدم بها العمر وشارفت على الثلاثين؛ ما المانع أن تتزوج رجلًا مُعدِّدًا؟ ما المانع أن تتنازل عن شيء من المهر؟ ما المانع أن تقبل بزوج من خارج مدينتها أو منطقتها؟ ما المانع أن تقبل بزوج فقير؟ هذه هي المشكلة الحقيقية التي تستحق النقاش، فيا كرام.. هل نحن قوم نعطي مشكلاتنا الجوهرية حجمها الحقيقي؟! * نقلاً عن صحيفة "المدينة"، الاثنين 14 شوال 1432 (12 سبتمبر 2011).