أرجو ألا ترى زوجتي هذه المقالة فتظن أن هذا الدعاء دعائي، بينما هو لشاب في خميس مشيط لم يجد حيلة لتأخره في الزواج سوى أن يكتب على زجاج سيارته الخلفي وبخط عريض عبارة: «اللهم زوجني». وقد يكون هذا (الغلبان) قصد أن يعلن للناس أنه أعزب يرجو رحمة ربه ثم عطفهم عليه بأن يفزعوا ويزوجوه قبل أن يصل إلى مرحلة اليأس من تحقيق أمله.   وإذا كنت تتوقع أن تقرأ على خلفيات السيارات كل شيء إلا أنك لا تتوقع أن تقرأ عبارة من هذا القبيل، باعتبار أن الزواج شأن شخصي بحت لا يروج بهذه الطريقة. لكنني أعذره وأجد له مجموعة أسباب، فأولا لا بد أنه طرق أكثر من باب ولم يجد جوابا لكونه (على قد حاله). وثانيا هو أراد أن يعبر على طريقته، بأن زواج الشاب في المملكة أصبح صعبا؛ نظرا لاشتراطات أهل العروس وارتفاع التكاليف وشح موارد الشباب الراغبين بالزواج. وثالثا هو في عقله الباطن، يعتبر المجتمع ككل مسؤولا عن تأخر زواجه للأسباب السابقة ويحمل هذا المجتمع تبعات تأخيره وتأخير غيره من دخول عش الزوجية، أي أن الأمر ليس ناتجا عن تصرف طريف أو نكتة عابرة تحملها سيارته، بل هناك أبعاد ذهنية ونفسية ومجتمعية تكتنفها هذه العبارة أو هذا الدعاء المباشر والقصير والمؤثر، بشكل أو بآخر في كل من قرأه. لذلك لا أستبعد أن يأتي غدا شاب آخر ويكتب: «المجتمع يتحمل مسؤولية تأخير زواجي»، ويكتب ثالث: «ما ذنبي إذا كان راتبي 2000 ريال»، أما من سيفتح نقاشا طويلا فهو من سيكتب: «إذا كنت خريجا جامعيا ومتفوقا فلماذا يتأخر زواجي؟ لأنني عاطل». وهكذا سنتعرض كمسؤولين وقادة رأي وصانعي قرار لمحاكمة الشباب الحائر وغير القادر. ولذلك علينا أن ننتبه بأن كثيرا من شبابنا يعانون الآن من تأخر الزواج وهو أمر يحتاج إلى وقفات لكي لا يستفحل ويؤدي إلى تصرفات لا نقبلها ولا نرتضيها لهم، من المهم أن نوفر كل السبل لاستقرارهم عاطفيا ونفسيا وأسريا؛ لكي نكسبهم ويكسبوا أنفسهم.   * نقلاً عن صحيفة "عكاظ"، 15 ذو القعدة 1435هـ (10 سبتمبر 2014).